jeudi 14 février 2019


                                                                    لإسلام_vs_الديمقراطية


ا
لإسلام_vs_الديمقراطية
يعتقد أغلب المسلمين بأن الديمقراطية من الإسلام وأنه يمكن أن يوجد دولة إسلامية ديمقراطية وهذا إعتقاد خاطئ ومن يزعم هذا فقد كذب على الإسلام وإفترى عليه فالإسلام والديمقراطية نظامان فكريان مستقلان عن بعضهما البعض متناقضان في المحددات والصفات الأساسية ، فهما متناقضان في الأسس الفكرية وفي التطبيقات العملية وفي الأهداف النهائية .
فالإسلام يهدف إلى إنجاز مشروع "الدولة الإسلامية/الخلافة الإسلامية" وهي هدفها الأول والأهم هو خدمة الدين الإسلامي ونشره عالمياً وتطبيق الشريعة الإسلامية المستقاة من القرآن الكريم والأحاديث والسيرة النبوية والتفاسير .
أما الديمقراطية فهي تهدف إلى إنجاز مشروع "الدولة الديمقراطية" وهي دولة علمانية (دنيوية صرفة) هدفها تطبيق الليبرالية والحريات الفردية .
وفي هذا المنشور سأقترب أكثر من التفاصيل وسأقارن بين شكل ومضمون "الدولة الديمقراطية" وشكل ومضمون "الدولة الإسلامية".
( أ )» ما هو الفرق بين "الدولة الديمقراطية" و"الدولة الإسلامية"؟
لكي نفهم جيداً جوهر الإختلاف بين "الدولة الديمقراطية" و "الدولة الإسلامية" يجب أن نلاحظ جيداً هذه المقومات والصفات الأساسية للدولة :
( 1 )» ما هو تعريف الدولة؟
- الدولة الإسلامية : حكم الله .
- الدولة الديمقراطية : حكم الشعب .
( 2 )» ما هو مصدر السلطة والشرعية ؟
- الدولة الإسلامية : الله .
- الدولة الديمقراطية : الشعب .
( 3 )» ما هي المرجعية الفكرية والتشريعية العليا للدولة ؟
- الدولة الإسلامية : مرجعيتها هي القرآن الكريم والأحاديث والسيرة النبوية والتفاسير المقبولة لدى فقهاء الإسلام .
- الدولة الديمقراطية : مرجعيتها هي "الإعلان العالمي للحقوق " لعام 1948 كمرجعية عالمية حديثة موحدة متعارف عليها فى الأمم المتحدة ، وهي مرجعية مبنية على تراكمات من الأخلاقيات والأدبيات والفلسفات القديمة والحديثة ، كالفلسفات الإغريقية القديمة ، و"دستور أثينا" المنسوب إلى أرسطو والمكتوب حوالي عام 330ق.م ، ونظام الديمقراطية الإغريقية البدائية الأقدم في العالم في حوالي عام 500 ق.م ، ووثيقة الحقوق" Bill of Rights التي أقرها البرلمان البريطاني عام 1689، و"إعلان فيرجينيا للحقوق" في أمريكا عام 1776، و"وثيقة الحقوق" Bill of Rights الأمريكية عام 1789، و"الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن" عام 1789، وبقية الفلسفات والتراكمات والأعراف المختلفة كالشريعة العرفية الأمازيغية izerfan والتقاليد الأمازيغية في اختيار زعيم القبيلة بطريقة توافقية وتدبير أمور القبيلة بشكل جماعي تشاوري ، والفصل لدى الأمازيغ بين وظيفة Aggag (الفقيه الديني) ووظيفة Amɣar "أمغار" (زعيم القبيلة أو الدولة) ، وما يشابه ذلك لدى كل شعوب الأرض .
( 4 )» هل نصوص المرجعية الفكرية والتشريعية للدولة قابلة للتعديل أو التغيير ؟
- الدولة الإسلامية : لا يمكن تعديلها ، القرآن الكريم والأحاديث والسيرة النبوية والتفاسير الأصلية هي نصوص مقدسة غير قابلة للتعديل أو التغيير على الإطلاق .
- الدولة الديمقراطية : نعم ، يمكن تعديل وتغيير نص "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" ونص دستور الدولة الديمقراطية وكل قوانينها ، شكلاً ومضموناً ، بشكل جزئي أو كلى ، حسب رغبة الشعب .
( 5 )» بِإسم من يحكم الحاكمُ أو الرئيسُ أو الملكُ أو الأمير ؟
- الدولة الإسلامية : يحكم بإسم الله .
- الدولة الديمقراطية : يحكم بإسم الشعب .
( 6 )» من يحاسب الحاكمَ أو الرئيسَ أو الملكَ أو الأمير أو الخليفة ؟
- الدولة الإسلامية : يحاسبه الله يوم القيامة .
- الدولة الديمقراطية: يحاسبه الشعب (عبر البرلمان وغيره) .
( 7 )» ما هو شكل الدولة المميز لها ؟
- الدولة الإسلامية : دولة دينية ، هدفها إرضاء الله والشعب .
- الدولة الديمقراطية : دولة علمانية / دنيوية لادينية ، هدفها إرضاء الشعب .
( 8 )» ما هي كيفية تشريع وإقرار القوانين والإجراءات الجديدة ؟
- الدولة الإسلامية : عبر فقهاء ورجال الدين الإسلامي ( إصدار الفتاوى ) .
- الدولة الديمقراطية : عبر الشعب مباشرة أو عبر ممثليه المنتخبين ( مجلس الشعب ).
( 9 )» كيف يتم حسم الخلافات والقضايا المثيرة للجدل؟
- الدولة الإسلامية: عبر استفتاء فقهاء الإسلام .
- الدولة الديمقراطية: عبر استفتاء الشعب .
( 10 )» ما هو المواطن؟
- الدولة الإسلامية : الرعية 5 أنواع
النوع الأول : مسلم .
النوع الثاني : كافر ذِمّي ( كافر مقيم في دولة الإسلام بعقد ذمة ويدفع لها الجزية ) .
النوع الثالث : كافر مستأمِن ( كافر أجنبي زائر أو مقيم بشكل مؤقت أخذ أمانا مؤقتا من دولة الإسلام ) .
النوع الرابع : كافر معاهَد ( كافر أجنبي له عهد أو اتفاق مع دولة الإسلام وقد يزورها ) .
النوع الخامس : كافر حربي ( كافر رفض إعتناق الإسلام ورفض دفع الجزية ولا اتفاق بينه وبين دولة الإسلام ) .
- الدولة الديمقراطية : المواطن هو إنسان يعيش داخل مجال الدولة بشكل مؤقت أو دائم وتسري عليه قوانين ثابتة .
( 11 )» ما هي وضعية الأقليات الدينية والفكرية أمام الأغلبية؟
- الدولة الإسلامية : مساواة بين كل المسلمين. وضع خاص للذميين ( اليهود والمسيحيين وغيرهم ). وضع خاص لبقية الكفار ( المستأمِنين والمعاهَدين والحربيين ) .
- الدولة الديمقراطية : مساواة بين كل المواطنين .
( 12 )» ما هو موقف الدولة من وجود مواطنين في المجتمع من أتباع الأديان والعقائد المختلفة كالمسيحيين واليهود والمسلمين والبهائيين والمرتدين والوثنيين والدهريين والملحدين واللادينيين ؟
- الدولة الإسلامية : غير المسلمين هم رعية لهم وضع خاص لا يحق لهم تولي رئاسة الدولة ولا المناصب العليا ولا ممارسة الحكم ، بقاؤهم في المجتمع بشكل دائم مشروط باتفاق (عقد الذمة) مع الدولة الإسلامية يتضمن دفع الجزية ، ويجب دعوتهم إلى الإسلام من طرف الدولة الإسلامية .
- الدولة الديمقراطية : كلهم مواطنون عاديون ينطبق عليهم قانون واحد ، يحق لهم تولي كل المناصب .
( 13 )» ما هو موقف الدولة من العلمانية (فصل الأديان عن الدولة) ؟
- الدولة الإسلامية : ترفض العلمانية تماماً وتعتبره كفر .
- الدولة الديمقراطية : العلمانية أساس الدولة الديمقراطية .
( 14 )» هل للدولة دين رسمي؟
- الدولة الإسلامية : نعم
- الدولة الديمقراطية : لا .
( 15 )» هل تنشر أو تروج الدولة ديناً أو عقيدة بين الناس؟
- الدولة الإسلامية: نعم ، تنشر وتروج الدين الإسلامي والعقيدة الإسلامية .
- الدولة الديمقراطية: لا .
( 16 )» هل تمنع الدولة رواج دين معين أو عقيدة معينة بين الناس؟
- الدولة الإسلامية : نعم ، تمنع رواج أي دين أو عقيدة أخرى غير الإسلام .
- الدولة الديمقراطية : لا .
( 17 )» هل تعاقب الدولة المرتدين عن دين معين أو أيديولوجية معينة؟
- الدولة الإسلامية : نعم ، تعاقب المرتدين عن الإسلام بالإعدام .
- الدولة الديمقراطية : لا .
( 18 )» هل تقيد الدولة حرياتِ الناس؟
- الدولة الإسلامية : الأصل هو الإباحة ، فلا تحرّم الأقوال والأفعال إلا إذا حرّمها الإسلام .
- الدولة الديمقراطية : الأصل هو الليبرالية وهى الحرية المطلقة .
( 19 )» هل يحق للمواطن أن ينتقد ويرفض ويَسْخَرَ ويتهكم على نظام الدولة ومرجعيتها التشريعية العليا ومؤسساتها الدينية ؟
- الدولة الإسلامية : لا ، لأن الحرية غير مطلقة ولها حدود فَحرية أى إنسان تقف عند حرية إنسان أخر فأى شخص له الحق فى النقد والتعبير عن رأيه بإحترام ولكن لا يحق لأحد أن يهين أو يسخر من الإسلام أو الله أو النبي أو القرآن أو الأحاديث أو رموز الإسلام ، ومن فعل ذلك فهو كافر مُرتد وتعاقبه الدولة الإسلامية بالإعدام أو بعقوبة شديدة أخرى .
- الدولة الديمقراطية : نعم ، فلا شئ مقدس يحق للمواطن أن يهين ويسخر من أي شخص أو شيء بما في ذلك الحكومة والشعب والدستور والأديان والأنبياء والذات الإلهية والعقائد والكتب المقدسة وغير المقدسة ، حيث أن ذلك كله يندرج ضمن حرية التعبير المطلقة .
( 20 )» لمن يكون الحق في تولي رئاسة الدولة والمناصب العليا؟
- الدولة الإسلامية : للمسلمين فقط .
- الدولة الديمقراطية : لكل المواطنين مهما كانت عقائدهم أو أيديولوجياتهم .
( 21 )» من يختار حاكِمَ الدولة؟
- الدولة الإسلامية : يختاره أو يبايعه فقهاء الإسلام أو أهل الحل والعقد (الأعيان) المسلمون .
- الدولة الديمقراطية : ينتخبه الشعب .
( 22 )» ما هو الهدف النهائي والأسمى للدولة؟
- الدولة الإسلامية : هدفها النهائي والأسمى هو تطبيق الإسلام ، وتنفيذ شرع الله في المجتمع وتحقيق العدل والسِلم والأمان بين الرعية وتحقيق الرفاهية لهم ونشر الإسلام عالمياً ، والإستعداد ليوم القيامة .
- الدولة الديمقراطية : هدفها النهائي والأسمى هو تنفيذ إرادة الشعب ، وتحقيق رفاهية وسعادة المواطنين في الحياة .
( ب )» هل يوجد دول علمانية ذات أغلبية مسلمة ؟
نعم ، ويوجد في العالم الآن 15 دولة علمانية ذات أغلبية سكانية مسلمة تنص دساتيرها حرفياً على أن "الدولة علمانية" أو على أن "الدولة محايدة دينياً وليس لها دين رسمي".
وهذه الدول العلمانية رسمياً ودستورياً هي : تركيا ، السنغال ، أذربيجان ، ألبانيا ، بوركينا ، فاسو ، كوسوفو ، تشاد ، غينيا – كوناكري ، قرغيزستان ، مالي ، كازاخستان ، طاجيكستان ، تركمانستان ، أوزبكستان ، وبنغلاديش ، وتبلغ الكتلة السكانية الإجمالية لهذه الدول العلمانية حوالي 400 مليون نسمة، وهذا دون احتساب إندونيسيا (240 مليون نسمة) التي تملك دستوراً علمانياً من حيث المضمون العام رغم أنه لا يذكر كلمة "العلمانية" ويبدو أن "تونس" ستنضم لهم قريباً إذا إستمرت على وضعها الحالى .
الدولة الديمقراطية تلزم الفرد بالايمان بتشريع العقول البشرية القاصرة وحتى الجاهلة او التي نيته الإفساد أما الدولة الاسلامية فلا تلزم البشر أن يخضع بعضهم لبعض بل تريد منهم أن يصعدوا إلى السمو الرباني وحده لينافسوا الملائكة الأطهار في قربهم من العزيز الغفار .
الديمقراطية نظام مخالف للإسلام ؛ حيث يجعل سلطة التشريع للشعب ، أو من ينوب عنهم (كأعضاء البرلمان) ، وعليه : فيكون الحكم فيه لغير الله تعالى ، بل للشعب ، ونوابه ، والعبرة ليست بإجماعهم ، بل بالأكثرية ، ويصبح اتفاق الأغلبية قوانين ملزمة للأمة ، ولو كانت مخالفة للفطرة ، والدين ، والعقل ، ففي هذه النظم تم تشريع الإجهاض ، وزواج المثليين ، والفوائد الربوية ، وإلغاء الأحكام الشرعية ، وإباحة الزنا وشرب الخمر ، بل بهذا النظام يحارب الإسلام ويحارب المتمسكين به .
وقد أخبر الله تعالى فيه كتابه أن الحكم له وحده ، وأنه أحكم الحاكمين ، ونهى أن يُشرك به أحد في حكمه ، وأخبر أن لا أحد أحسن منه حكماً .
قال الله تعالى : ( فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) غافر/12 ، وقال تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) يوسف/40 ، وقال تعالى : (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) التين/8 ، وقال تعالى : ( قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ) الكهف/26 ، وقال تعالى : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/50 .
والله عز وجل هو خالق الخلق ، وهو يعلم ما يَصلح لهم وما يُصلحهم من أحكام ، والبشر يتفاوتون في العقول والأخلاق والعادات ، وهم يجهلون ما يصلح لهم فضلاً أن يكونوا على علم بما يَصلح لغيرهم ، ولذا فإن المجتمعات التي حكمها الشعب في التشريعات والقوانين لم يُر فيها إلا الفساد ، وانحلال الأخلاق ، وتفسخ المجتمعات .
مع التنبيه على أن هذا النظام تحول في كثير من الدول إلى صورة لا حقيقة لها ، ومجرد شعارات يُخدع بها الناس ، وإنما الحاكم الفعلي هو رأس الدولة وأعدائه ، والشعب مقهور مغلوب على أمره .
ولا أدل على ذلك من أن هذه الديمقراطية إذا أتت بما لا يهواه الحكام داسوها بأقدامهم ، ووقائعُ تزوير الإنتخابات وكبت الحريات وتكميم أفواه من يتكلمون بالحق حقائقُ يعلمها الجميع ، لا تحتاج إلى استدلال .
وليس يصلح في الأذهان شيء إذا إحتاج النهار إلى دليل .
جاء في " موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة " ( 2 / 1066 ) :
"ديمقراطية نيابية :
أحد مظاهر النظم الديمقراطية التي يمارس فيها الشعب مظاهر السيادة بواسطة مجلس منتخب من نواب من الشعب ، وفيها يحتفظ الشعب بحق التدخل المباشر لممارسة بعض مظاهر السيادة عن طريق وسائل مختلفة ، أهمها :
1- حق الاقتراع الشعبي : بأن يقوم عدد من أفراد الشعب بوضع مشروع للقانون مجملاً أو مفصَّلاً ، ثم يناقشه المجلس النيابي ويصوِّت عليه .
2- حق الاستفتاء الشعبي : بأن يُعرض القانون بعد إقرار البرلمان له على الشعب ليقول كلمته فيه .
3- حق الاعتراض الشعبي : وهو حق لعدد من الناخبين يحدده الدستور للاعتراض في خلال مدة معينة من صدوره ، ويترتب على ذلك عرضه على الشعب في استفتاء عام ، فإن وافق عليه نُفِّذ… وإلا بطل ، وبه تأخذ معظم الدساتير المعاصرة .
ولا شك في أن النظم الديمقراطية أحد صور الشرك الحديثة في الطاعة والإنقياد أو في التشريع ، حيث تُلغى سيادة الخالق سبحانه وتعالى وحقه في التشريع المطلق ، وتجعلها من حقوق المخلوقين ، والله تعالى يقول : ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف/40 ، ويقول تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) الأنعام/57 " .
ثالثاً :
يظن كثير من الناس ، أن لفظ " الديمقراطية " يعني : الحرية ! وهذا ظن فاسد ، وإن كانت الحرية هي إحدى إفرازات " الديمقراطية " ، ونعني بالحرية هنا : حرية الاعتقاد ، وحرية التفسخ في الأخلاق ، وحرية إبداء الرأي ، وهذه أيضا لها مفاسد كثيرة على المجتمعات الإسلامية ، حتى وصل الأمر إلى الطعن في الرسل والرسالات ، وفي القرآن والصحابة ، بحجة " حرية الرأي " ، وسُمح بالتبرج والسفور ونشر الصور والأفلام الهابطة بحجة الحرية ، وهكذا في سلسلة طويلة ، كلها تساهم في إفساد الأمة ، خلقيّاً ، ودينيّاً.
وحتى تلك الحرية التي تنادي بها الدول من خلال نظام الديمقراطية ليست على إطلاقها ، فنرى الهوى والمصلحة في تقييد تلك الحريات ، ففي الوقت الذي تسمح نظمهم بالطعن في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، بحجة حرية الرأي : نجد منع هذه الحرية في مثل الكلام عن " محرقة النازيين لليهود " ! بل يتم تجريم وسجن من ينكر هذه المحرقة ، مع أنها قضية تاريخية قابلة للإنكار .
وإذا كان هؤلاء دعاة حرية : فلماذا لم يتركوا الشعوب الإسلامية تختار مصيرها ودينها ؟! ولماذا قاموا باستعمار بلدانهم وساهموا في تغيير دينهم ومعتقدهم ؟ وأين هذه الحريات من مذابح الإيطاليين للشعب الليبي ، ومن مذابح الفرنسيين للشعب الجزائري ، ومن مذابح البريطانيين للشعب المصري ، ومن مذابح الأمريكان للشعبين الأفغاني والعراقي ؟!
والحرية عند أدعيائها يمكن أن تصطدم بأشياء تقيدها ، ومنها :
1- القانون ، فليس للإنسان مطلق الحرية أن يسير في عكس اتجاه السير في الشارع ، ولا أن يفتح محلا من غير ترخيص ، ولو قال " أنا حر " لم يلتفت له أحد .
2- العرف ، فلا تستطيع امرأة عندهم – مثلاً – أن تذهب لبيت عزاء وهي تلبس ملابس البحر ! ولو قالت " أنا حرَّة " لاحتقرها الناس ، ولطردوها ؛ لأن هذا مخالف للعرف .
3- الذوق العام ، فلا يستطيع أحد منهم – مثلاً – أن يأكل ويخرج ريحاً أمام الناس ! بل ولا أن يتجشأ ! ويحتقره الناس ولو قال إنه حر .
ونقول بعد هذا :
لماذا لا يكون لديننا أن يقيِّد حرياتنا ، مثل ما قُيدت حرياتهم بأشياء لا يستطيعون إنكارها ؟! ولا شك أن ما جاء به الدين هو الذي فيه الخير والصلاح للناس ، فأن تمنع المرأة من التبرج ، وأن يمنع الناس من شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وغير ذلك : كله لهم فيه مصالح ، لأبدانهم ، وعقولهم ، وحياتهم ، ولكنهم يرفضون ما يقيِّد حرياتهم إن جاء الأمر من الدين ، ويقولون "سمعنا وأطعنا" إن جاءهم الأمر من بشرٍ مثلهم ، أو من قانون !
رابعاً :
ويظن بعض الناس أن لفظ " الديمقراطية " يعادل " الشورى " في الإسلام ! وهذا ظن فاسد من وجوه كثيرة ، منها :
1- أن الشورى تكون في الأمور المستحدثة ، أو النازلة ، وفي الشؤون التي لا يفصل فيها نص من القرآن أو السنَّة ، وأما " حكم الشعب " فهو يناقش قطعيات الدين ، فيرفض تحريم الحرام ، ويحرِّم ما أباحه الله أو أوجبه ، فالخمور أبيح بيعها بتلك القوانين ، والزنا والربا كذلك ، وضيِّق على المؤسسات الإسلامية وعلى عمل الدعاة إلى الله بتلك القوانين ، وهذا فيه مضادة للشريعة ، وأين هذا من الشورى ؟!
2- مجلس الشورى يتكون من أناسٍ على درجة من الفقه والعلم والفهم والوعي والأخلاق ، فلا يُشاور مفسد ولا أحمق ، فضلاً عن كافر أو ملحد ، وأما مجالس النيابة الديمقراطية : فإنه لا اعتبار لكل ما سبق ، فقد يتولى النيابة كافر ، أو مفسد ، أو أحمق ، وأين هذا من الشورى في الإسلام ؟! .
3- الشورى غير ملزمة للحاكم ، فقد يقدِّم الحاكم رأي واحدٍ من المجلس قويت حجته ، ورأى سداد رأيه على باقي رأي أهل المجلس ، بينما في الديمقراطية النيابية يصبح اتفاق الأغلبية قانوناً ملزماً للناس .
إذا عُلم هذا فالواجب على المسلمين الاعتزاز بدينهم ، والثقة بأحكام ربهم أنها تُصلح لهم دنياهم وأخراهم ، والتبرؤ من النظم التي تخالف شرع الله .
وعلى جميع المسلمين { حكَّاماً ومحكومين } أن يلتزموا بشرع الله تعالى في جميع شؤونهم ، ولا يحل لأحدٍ أن يتبنى نظاماً أو منهجاً غير الإسلام ، ومن مقتضى رضاهم بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً ورسولاً أن يلتزم المسلمون بالإسلام ظاهراً وباطناً ، وأن يعظموا شرع الله ، وأن يتبعوا سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم .
أسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين ، وأن يرد كيد الكفار والمرتدين .   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire